مما لا شك فيه أن العالم العربي يعيش مجموعة من الظواهر الإجتماعية إيجابية كانت أم سلبية والتي في أغلبها دخيلة على ثقافتنا وعاداتنا وأخلاقنا وقيمنا التي نؤمن فظهرت للأسف الشديد بعض الظواهر التي ضربت كل القيم الجميلة عرض الحائط فصارت مجتمعاتنا العربية لا تختلف كثيرا عن نظيراتها الغربية في فقدان المعنى وانهيار العلاقات الأسرية بين الأبناء وابائهم .
لعل البعض منكم يتساءل الان : عن أي ظاهرة أتحدث؟ وهل تستحق كل هذا الإهتمام ؟
أقول نعم تستحق وأكثر ،فالظاهرة التي أتحدث عنها هي تخلي بعض الأبناء عن ابائهم ودفعهم للعيش في دور للمسنين حتى أصبحنا نلاحظ التزايد المهول لعدد دور العجزة والتي أصبحت تغص بذلك العدد الهائل ممن بلغوا من الكبر عتيا فكان جزاءهم الإيداع في دور للمسنين وكأن مدة صلاحيتهم إنتهت للأسف الشديد مما يجعل البعض من هؤلاء العجزة يتساءل :
هل وصلت الحقارة ببعض فلذات الكبد للتخلي عنهم وهم في أمس الحاجة للرعاية والحنان ؟
وهل أساؤوا التربية حتى يلقوا هذا النوع من الإهمال الأسري ؟
كل هاته الأسئلة وغيرها يطرحها من تخلى عنه أقرب الناس إليه ونحن نعلم كم هو قاسي ظلم ذوي القربى.
إلى أمد قريب كنا نرى أن الاباء والأجداد شخصيات تحظى بالتقدير والتوقير والإحترام من طرف كل العائلة لكن مع مرور الأيام وتغير الزمان وكذا الرجال ظهرت فئة من الأبناء الذين يتشدقون بعبارات التقدم والعصرنة والمدنية وأغلبهم من ميسوري الحال نجدهم قد تخلو عن ابائهم بكل سهولة في دار للمسنين وحججهم الواهية في ذلك كونهم لم يعودوا قادرين على تحمل أعباء وتصرفات ابائهم والتي أصبحت في نظرهم أكثر صبيانية ، ونسوا يوما أنهم كانوا أطفالا ،بل البعض من هاته الفئة أصبحت تخاف وتتبرئ منهم مخافة أن يعرف أصدقاءهم أن لهم اباء وأمهات في أرذل العمر .
كل هذه الحجج الواهية تدفع ببعض الأبناء العاقين لوضع أحد الوالدين أو كلاهما في دار للعجزة ظنا منهم أنه المكان المثالي لهم وهيهات أن يكون كذلك فهؤلاء الاباء لن يجدوا الراحة إلا في كنف أسرهم لأن الحنان والعطف لا يمنحه إلا دفئ الأسرة وليس دار العجزة والتي أعتبرها موضة دخيلة على مجتعنا العربي فلا الدين يقر بهذا التصرف ولا الأعراف .
كما لا تفوتني الفرصة في هذا الصدد أن أقول بأن الدولة هي كذلك شريك في هاته الجريمة المرتكبة في حق هؤلاء العجزة من خلالها مساهمتها في بناء هاته السجون وعدم إلزامها من الناحية القانونية لكل إبن ثبت إهماله لوالديه أن يرعاهما وإلا توبع قضائيا ولما لا الزج به في غياهب السجن.
مما يدفعنا للتساؤل :
هل دور العجزة اصبحت بديلا لحل مشكل عقوق الوالدين؟
إلى أي حد الدول العربية تستشعر خطورة هاته الموضة ؟
لماذا ترتفع نسبة إيداع الأبوين في دور للعجزة في صفوف الطبقات الميسورة ؟
وهل يمكن القول أن المقاربة القانونية كفيلة للحد من هاته الظاهرة ؟
في اخر هذا المقال أريد أن أقول أن رعاية الاباء في كبرهم هو نوع من رد الجميل والتخلي عنهم هو قمة الحقارة ونكران الجميل وموضة دور العجزة للأسف الشديد ما وجدناها في ابائنا الأولين وغير مقبولة لا شرعا ولا عرفا ولا أخلاقا فحسبنا الله ونعم الوكيل في كل من سولت له نفسه أن يبدل أبواه منزلا غير منزله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق